موقع/ ابن الخواص

موقع/ ابن الخواص
ان مرت الأيام ولم ترونـي.. فهذه مواضيعي فتـذكرونــي..
وان غبت يوما ولم تجدونـي.. ففي قلبي حبكـم فـلاتنسونــي..
وان طال غيابـي عنكـم.. دون عـودة اكون وقتهـا بحـاجة.. للدعـاء فادعـولــي .

الخميس، 28 أكتوبر 2010

نص أهم خطب الرئيس جمال عبدالناصر بمناسبة قيام الجمهورية العربية المتحدة


كلمات الرئيس جمال عبد الناصر
من دار الرئاسة بمناسبة إعلان الجمهورية العربية المتحدة
١/٢/١٩٥٨
أيها المواطنون:
هذا اليوم الذى تلتقى فيه جمهورية مصر مع جمهورية سوريا ليتوحدا ويكونا الجمهورية العربية المتحدة، هذا اليوم من أيام العمر التى نعتز بها على مر الزمن ونعتز بها على مر الأيام. النهارده الشعب العربى فى سوريا والشعب العربى فى مصر بيقرر ويعلن قراره.. الشعب العربى فى سوريا والشعب العربى فى مصر بيقرر ويعلن مشيئته لقيام دولة جديدة.. دولة عظمى.. دولة قوية تنبع إرادتها من شعبها، وتنبع إرادتها من نفسها، وتنبع إرادتها من ضميرها.
النهارده هذا الشعب العربى فى سوريا والشعب العربى فى مصر يقرر قيام هذه الدولة التى تثق فى قوتها، وتثق فى حقها فى الحرية، وتثق فى حقها فى الحياة، هذه الدولة التى تعمل من أجل إرساء قواعد العدالة، وإرساء قواعد السلام.
النهارده - يا إخوانى - نشعر جميعاً ان احنا استطعنا أن نقيم دولة عظمى ودولة قوية حقيقية لأول مرة فى هذا المكان، بعد أن كان الأجنبى يقيم بيننا ويعلن عن نفسه أنه يمثل القوة الكبرى ويمثل القوة العظمى.
أيها المواطنون:
لقد كنا نتكلم عن القومية العربية، وكانت القومية العربية شعارات وهتافات، وكانت القومية العربية نداءات عاطفية ونداءات معنوية.. كنا نتكلم عن القومية العربية، وكنا نشعر بقوتها، وكنا نشعر بقيمتها.. كنا نتكلم عن القومية العربية، وكنا نشعر أن أعداءنا أرادوا دائماً أن يفرقوا بيننا، وكنا نشعر أن أعداءنا أرادوا دائماً أن يقسموا الأمة العربية إلى أمم صغرى يتحكمون فيها ويسيطرون عليها، وكنا نشعر أن كل دولة منا تؤثر على مصير الدولة الأخرى، وكنا نشعر أن لابد أن نتضامن، ولابد أن نتحد، ولابد أن نتآزر، ولابد أن نتآخى؛ حتى ندفع عنا أطماع الطامعين، وحتى ندفع عنا غيلة الزمن، وحتى لا تتكرر مأساة فلسطين، وحتى نستطيع أن نحافظ على الوطن العربى كلنا متحدين متكاتفين.
واليوم - أيها الإخوة المواطنون - بعد أن كانت القومية العربية هتافاً وشعارات، أصبحت حقيقة واقعة.
اليوم اتحد الشعب العربى فى سوريا مع الشعب العربى فى مصر وكونت الجمهورية العربية المتحدة؛ هذه الجمهورية المتحدة ستكون سنداً للعرب جميعاً، ستكون قوة للعرب جميعاً، ستعادى من يعاديها وتسالم من يسالمها، ستتبع سياسة تنبع من نفسها.. سياسة تنبع من ضميرها.
اليوم - أيها الإخوة المواطنون - اليوم يوم خالد فى تاريخنا ومرحلة حاسمة فى تاريخنا، اليوم نشعر أن القومية العربية تتحقق حقاً، اليوم ننظر إلى المستقبل ونشعر أنه سيكون بعون الله مليئاً بالعزة وبالكرامة.. ننظر إلى المستقبل وننظر إلى الماضى ونقرر فى نفوس كل فرد منا.. فى نفس كل واحد منا أن الماضى لن يعود؛ لن يسيطر علينا أجنبى، ولن يستبد بنا مستبد، ولكنا سنتجه للأمام لنبنى ونشيد، لنرفع من مستوانا، ولنـزيد من قوتنا حتى لا يتكرر ما فات.. ننظر إلى المستقبل ونتجه إليه ونراه مستقبلا عزيزاً كريماً، وننظر إلى القومية العربية التى نادينا بها والتى حلمنا بها والتى كانت لنا من الأمانى، وسنعمل جميعاً بعون الله على تثبيت أهداف القومية العربية وعلى تثبيت أسسها، سنعمل جميعاً مع الوطن العربى ومع الشعب العربى فى كل مكان.
أيها الاخوة المواطنون فلنطلب من الله الهداية والتوفيق.
والسلام عليكم ورحمة الله.
أيها المواطنون.. أيها المواطنون:
فى هذه اللحظة - أيها المواطنون - لابد أن أذكر لكم جهاد الرجل العربى الذى جاهد فى سبيل الوحدة العربية لمدة تزيد عن ٥٠ عاماً. اليوم - أيها المواطنون - أتكلم إليكم عن جهاد شكرى القوتلى الذى حارب فى سبيل استقلال بلده وفى سبيل استقلال وطنه؛ حارب فرنسا وسجن وحكم عليه بالإعدام، وحارب أيضاً - أيها الإخوة المواطنون - من أجل القومية العربية ومن أجل الوحدة العربية، فإذا كنت أهنئكم اليوم فإننى أهنىء شكرى القوتلى الذى استطاع أن يحقق الحلم، والذى استطاع أن يحقق الآمال.
أيها المواطنون:
بهذه الصفات وبهذه القيم سنستطيع أن نثبّت المبادئ، وسنستطيع أن نثبّت المثل العليا؛ بهذه المبادئ وبهذه المثل ستسير الجمهورية العربية المتحدة قدماً، وبهذه المثل ستسير الجمهورية العربية المتحدة قدماً إلى الأمام وراء المثل العليا التى بناها شكرى القوتلى، والتى عبر عنها شكرى القوتلى، والتى أظهرها شكرى القوتلى.
أيها المواطنون:
باسمكم جميعاً أتكلم إلى الأخ الأكبر أخى شكرى القوتلى، وأقول له: إننا جميعاً نحييك، وإننا جميعاً نحيى جهادك، والله يوفقك، وإن الشعب العربى فى كل مكان سيذكر على مر الزمن ما قمت به، وإن الجمهورية العربية المتحدة هى خير هدية نقدمها لك اليوم، وإعلان مولدها على أنها هى النتيجة الكبرى لجهادك فى سبيل الوحدة العربية وفى سبيل القومية العربية.. والله يوفقنا جميعاً.
 والسلام عليكم ورحمة الله.


كلمة الرئيس جمال عبد الناصر
فى مجلس الأمة بمناسبة إعلان أسس الوحدة بين مصر وسوريا
٥/٢/١٩٥٨
أيها المواطنون أعضاء مجلس الأمة:
فى حياة الشعوب أجيال يواعدها القدر، ويختصها دون غيرها بأن تشهد نقط التحول الحاسمة فى التاريخ، إنه يتيح لها أن تشهد المراحل الفاصلة فى تطور الحياة الخالد؛ تلك المراحل التى تشبه مهرجان الشروق حين يحدث الانتقال العظيم ساعة الفجر من ظلام الليل إلى ضوء النهار.
إن هذه الأجيال الموعودة تعيش لحظات رائعة، إنها تشهد لحظات انتصار عظيم لم تصنعه وحدها، ولم تتحمل تضحياته بمفردها؛ وإنما هى تشهد النتيجة المجيدة لتفاعل عوامل أخرى كثيرة واصلت حركتها فى ظلام الليل ووحشته، وعملت وسهرت، وظلت تدفع الثوانى بعد الثوانى إلى الانتقال العظيم ساعة الفجر.
أيها المواطنون أعضاء مجلس الأمة:
إن هذا الجيل من شعب مصر من تلك الأجيال التى واعدها القدر لتعيش لحظات الانتقال العظيمة التى تشبه مهرجان الشروق. لقد عشنا ساعة الفجر، ورأينا انتصار النور الطالع على ظلمات الليل الطويل؛ لقد عشنا فجر الاستقلال، وعشنا فجر الحرية، وعشنا فجر العزة والكرامة، وعشنا فجر القوة، وعشنا فجر الأمل فى بناء مجتمع سعيد. واليوم - أيها المواطنون أعضاء مجلس الأمة - نعيش فجراً جديداً رائعاً، لقد بدأ مشرق الوحدة.
أيها المواطنون.. أيها المواطنون أعضاء مجلس الأمة:
لقد سبق كل فجر شهدنا مطلعه ليل طويل؛ لقد سبقت فجر الاستقلال وفجر الحرية، وفجر العزة والكرامة، وفجر القوة، وفجر الأمل، ليال طويلة امتدت مئات السنين فى صراع مستمر مع ظلام الاستعمار والاستبداد والظلم والضعف.. ليال طويلة عاشتها أجيال قبلنا، وقاست أهوالها وتحملت مصاعبها لكى تقرب منا اللحظات الرائعة للانتقال العظيم. وكذلك هذا الفجر الذى نشهد اللحظة مطلعه، إن الليل الذى سبق فجر الوحدة هو دون شك أطول ليالى كفاح أمتنا العربية؛ ذلك أن الأمل الذى يتحقق لنا اليوم هو أقدم آمالنا. إن تاريخ الوحدة فى عمر أمتنا هو نفس عمر تاريخ أمتنا، لقد بدأ معها منذ بدأت، نشأ على نفس الأرض، وعاش نفس الحوادث، واندفع إلى نفس الأهداف، فلما استطاعت أمتنا أن ترسى قواعد وجودها فى هذه المنطقة وتثبت دعائم هذه القواعد، كان مؤكداً أن الوحدة قادمة وأن موعدها بات قريباً.
أيها المواطنون أعضاء مجلس الأمة:
لقد كان الكفاح من أجل الوحدة هو بنفسه الكفاح من أجل القوة.. من أجل الحياة، ولقد كان التلازم بين القوة والوحدة أبرز معالم تاريخ أمتنا؛ فما من مرة تحققت الوحدة إلا تبعتها القوة، وما من مرة توفرت القوة إلا وكانت الوحدة نتيجة طبيعية لها. وليس محض صدفة أن إشاعة الفرقة وإقامة الحدود والحواجز كان أول ما يفعله كل من يريد أن يتمكن فى المنطقة ويسيطر عليها، وكذلك لم يكن محض صدفة أن محاولات الوحدة فى المنطقة لم تتوقف منذ أربعة آلاف سنة طلباً للقوة بل طلباً - كما قلت - للحياة.
ولقد كان أسلوب السعى إلى الوحدة يتشكل بالعصر الذى تعيش فيه كل محاولة لتحقيقها، ولكن الهدف ظل دائماً لا يتغير، وبقيت الغاية فى كل وقت هى هذه اللحظات التى نعيشها الآن. لقد اتحدت المنطقة بحكم السلاح يوم كان السلاح هو وسيله التعبير فى الطفولة الأولى للبشرية، واتحدت المنطقة بيقين النبوات حين بدأت رسالات السماء تنزل إلى الأرض لتهدى الناس، واتحدت المنطقة بسلطان العقيدة حين اندفعت رايات الإسلام تحمل رسالة السماء الجديدة، وتؤكد ما سبقها من رسالات، وتقول كلمة الله الأخيرة فى دعوة عباده إلى الحق. واتحدت المنطقة بتفاعل عناصر مختلفة فى أمة عربية واحدة؛ واتحدت المنطقة باللغة يوم جرت العربية وحدها على كل لسان، واتحدت المنطقة تحت دافع السلامة المشتركة يوم واجهت استعمار أوروبا يتقدم منها محاولاً أن يرفع الصليب ليستر مطامعه وراء قناع من المسيحية، وكان معنى الوحدة قاطعاً فى دلالته حين اشتركت المسيحية فى الشرق العربى فى مقاومة الصليبيين جنباً إلى جنب مع جحافل الإسلام.
واتحدت المنطقة بالمشاركة فى العذاب يوم حلت عليها غارات الغزو العثمانى، وأسدلت من حولها أستار الجهل تعوق تقدمها وتمنعها من الوصول إلى عصر النهضة فى نفس الوقت الذى بدأ فيه عصر النهضة فى أوروبا. بل إن المنطقة اتحدت فيما تعرضت له فى كل نواحيها من سيطرة الاستعمار عليها، ثم كان اتحادها فى الثورة على هذا الاستعمار بكل أشكاله ومقاومته فى تعدد صوره. ومع الوحدة فى الثورة كانت الوحدة فى التضحيات؛ فإن المشانق التى نصبها جمال باشا فى دمشق عاصمة سوريا لم تكن تختلف كثيراً عن المشانق التى نصبها "اللورد كرومر" فى دنشواى هنا فى مصر.
أيها المواطنون أعضاء مجلس الأمة:
هكذا ترون الوحدة حقيقة؛ حقيقة يسعى إليها أو حقيقة قائمة بالفعل، وهكذا ترون أن الصراع من أجل القوة.. من أجل الحياة يتم ويتحقق بالوحدة، وترون الوحدة لا تتم ولا تتحقق إلا بقوة الحياة. هكذا ترون أن تاريخ القاهرة فى خطوطه العريضة هو بنفسه تاريخ دمشق فى خطوطه العريضة، وقد تختلف التفاصيل ولكن المعالم البارزة هى نفس المعالم؛ نفس الدول الغزاة، نفس الملوك، نفس الأبطال، ونفس الشهداء. بل إنه لما بدا فى بعض الأحيان أن مصر ابتعدت عن الفكرة العربية وقطعت ما بينها وبين المنطقة من صلات - وذلك بعد الحملة الفرنسية على مصر، ثم تحت حكم أسرة محمد على - لم يكن الأمر فى باطنه بمثل ما يبدو فى ظاهره، لم يكن البعد إلا سطحياً، ولم تكن القطيعة إلا باللسان، أما الشواهد الحقيقية وأما الأدلة الأصيلة فكانت تؤكد أن ما قربه الله لا يمكن أن يبتعد، وما وصلت الطبيعة لا يمكن أن ينقطع.
من بين الشواهد والأدلة أن جيش الفلاحين الذى سار تحت قيادة إبراهيم باشا ليحرر سوريا من الظلم العثمانى كان يسمى نفسه الجيش العربى. ومن بين الشواهد والأدلة أن القاهرة التى سارعت فى النصف الأخير من القرن التاسع عشر إلى فتح النوافذ لتيارات النهضة تحولت إلى قلعة للفكر الحر فى الشرق العربى، وما لبث رواد الحرية فى سوريا ورواد الحرية فى المنطقة العربية كلها أن وفدوا إليها يتحصنون بأسوارها المنيعة، يبعثون منها إشعاعات الفكر لتعبئ وتلهم. بل إن القاهرة تحولت فى مطلع القرن العشرين فأصبحت هى ودمشق المركز الرئيسى للجمعيات السرية التى راحت تناضل جبروت سلاطين اسطنبول؛ من أجل تحرير الأمة العربية بكل ما يملكه الشباب من روح البذل والفداء.
هكذا كانت الوحدة هى الحقيقة، وكان كل ما عدا الوحدة اصطناعاً، وهكذا كان واضحاً أنه إذا تركت المنطقة تستوحى طبيتعها، وتستلهم مشاعرها، وتستمع إلى دقات قلبها، فإن اتجاهها إلى الوحدة يصبح لا ريب فيه ولا مناص منه.
وهذا هو ما حدث - أيها المواطنون أعضاء مجلس الأمة - حين حصلت سوريا على استقلالها الكامل تطلعت إلى مصر، وحين حصلت مصر على استقلالها الكامل تطلعت إلى سوريا. ولقد كان التقارب، بل التوافق والتماثل، كاملاً حتى قبل أن يوقع ميثاق جامعة الدول العربية، وحتى بعد أن تم توقيعه وأرادت له بعض القوى أن يبقى حبراً على ورق.
لقد كان فى سوريا رد فعل لكل حركة فى مصر، كما كانت أصداء الذى يحدث فى دمشق تتجاوب فى القاهرة؛ فى مصر وسوريا ذلك الفوران الذى أعقب الحرب العالمية الثانية وبدأت على أثره حركات التحرر الهائلة فى إفريقيا وآسيا.. فى سوريا ومصر هذه الهزات العنيفة ووراءها جميعاً محاولات تغيير الأوضاع تطلعاً إلى الأفضل والأحسن.. فى مصر وسوريا ذلك الاندفاع إلى حرب فلسطين بالفروسية والإيمان ولكن من غير سلاح.. ثم كانت فى القاهرة ودمشق تلك الآثار التى ترتبت على حرب فلسطين، والتى كان أولها تلك اليقظة التى تشبه انتفاضة من لسعته النار فاستفاق.. ثم فى سوريا ومصر نفس المعارك، ولو قصرنا الحساب على الشهور الأخيرة فقط لكان مدهشاً أن المعارك التى خاضتها دمشق هى نفس المعارك التى خاضتها القاهرة؛ معركة الأحلاف العسكرية، معركة السلاح، معركة عدم الانحياز، معركة المؤامرات، معركة التحرر الاقتصادى، بل إن سوريا خاضت معركة قناة السويس بنفس العنف وبنفس القوة التى خاضت بها بورسعيد معركة قناة السويس، وكذلك حاربت مصر معركة التهديدات الموجهة إلى سوريا وأعصابها كلها فى دمشق، وأمام أعصابها قطعة من جيشها احتل جنودها مراكزهم جنباً إلى جنب مع إخوانهم جنود سوريا.
ولقد كان ذلك كله مدهشاً ولكنه لم يكن من صنع الصدف؛ لقد مهدت عوامل كثيرة وكبيرة، نبيلة وعميقة لهذا الذى ربط بين مصر وسوريا؛ مهدت الطبيعة ومهد التاريخ ومهد الدم ومهدت اللغة، مهدت الأديان ومهدت العقائد، مهدت السلامة المشتركة ومهدت الحرية، كذلك اشتركت فى التمهيد له تجارب من الألم والعذاب صنعها فرسان الطغيان الثلاثة.. السجن والمنفى والمشنقة، ولكن ذلك كله كان يمهد لهذا الفجر الذى نشهد اليوم مطلعه بعد ليل طويل.
أيها المواطنون أعضاء مجلس الأمة:
ولقد كان البشير بالفجر هو ذلك القرار الذى اتخذه مجلس النواب السورى واتخذه مجلسكم؛ بالعمل فوراً لتحقيق الوحدة بين مصر وسوريا. كان قراركم هذا تعبيراً عن واقع هائل لا يمكن تجاهله، وصدى مستجيب لنداء قدسى لا نستطيع أن نغلق آذاننا دونه. ولم يكن هذا الواقع موجود فى دمشق والقاهرة وحدهما، كذلك لم يكن ذلك النداء القدسى فى هذا النطاق وحدة لا يتجاوزه؛ وإنما كان الواقع موجوداً فى كل أرجاء الوطن العربى، وكان النداء هو هدير التيار المتلاطم بالموج؛ ذلك التيار الذى شقت القومية العربية كلها مجراه، وحددت له خط سيره.
وهكذا بدأت فى القاهرة محادثات نهائية لرسم الشكل الخارجى للحقيقة الواقعة، ولقد كانت هذه المحادثات فى القاهرة تجربة جديدة فى التاريخ. لم تكن اجتماعاً يتم بناء على رغبة ساسة أو حكام؛ وإنما كانت اجتماعات تمت بناء على ضغط وإلحاح، وإرادة عنيدة مصممة صادرة من قلوب الشعوب. ولقد  كان خيراً على أى حال أننا تركنا الأمور تصل إلى هذا المدى؛ فلقد كان ينبغى للشعوب أن تأخذ فرصتها كاملة حتى تتثبت من يقينها، وحتى يترسب إيمانها مع الأيام إلى أعماق الأعماق، وحتى تؤكد لها الحوادث والتطورات أن طريق الوحدة هو طريق القوة.. طريق الحياة.
أيها المواطنون أعضاء مجلس الأمة:
كان معنى محادثاتنا فى القاهرة، ووصول رائد الوحدة وبطلها ورافع علمها المجاهد شكرى القوتلى إلى مصر مع وفد من رفاقه فى الجهاد، كان معناه أن الأوان قد آن، وأن الساعة التى تطلع إليها أجدادنا وعمل من أجلها آباؤنا قد دقت أجراسها، وأنه قد كتب لجيلنا بعد ليل طويل أن يشهد مطلع صبحها.. كان معناه أن الذى تخيلوه فى المنى قد أصبح واقعاً، وأن الذى ذاقوا من أجله الموت قد أصبح هو الحياة نفسها.. كان معناه أن الذى نصبت المشانق لتحول دونه قد أصبحت له وحدة قوة القانون وقدرته.. كان معناه أن الذى اصطنعت الفرقة بينه قد عاد إلى طبيعته التى أودعها الله فيه كلاً متجانساً متحداً.. كان معناه أن السلاسل تكسرت، أن السدود انهارت، أن الحواجز سقطت، وأن الشظايا المتناثرة والأجزاء المتفرقة توشك أن تعود إلى بعضها، بل إلى كلها.. كان معناه أن سوريا ومصر قد قررتا تحمل المسئولية التاريخية التى تهيأتا لها بوصفهما بلدين عربيين خلص زمام الأمر فيهما لأبنائهما، وتحققت لهما فى أراضيهما سيادة حقيقية واستقلال كامل.. كان ذلك هو معنى محادثات القاهرة.
أيها المواطنون أعضاء مجلس الأمة:
ولقد انتهت محادثاتنا إلى إعلان الوحدة رسمياً، وتوقيع هذا الإعلان فى يوم السبت الأول من فبراير سنة ١٩٥٨، وقد أودع هذا الإعلان التاريخى فى مكتب مجلسكم، وكانت النتيجة الكبرى له هى توحيد مصر وسوريا فى دولة واحدة؛ اسمها الجمهورية العربية المتحدة، يكون نظام الحكم فيها ديمقراطياً رياسياً؛ يتولى فيه السلطة التنفيذية رئيس الدولة، يعاونه وزراء يعينهم ويكونون مسئولين أمامه، كما يتولى السلطة التشريعية مجلس تشريعى واحد، ويكون لها علم واحد يظل شعباً واحداً وجيشاً واحداً، فى وحدة يتساوى فيها أبناؤها فى الحقوق والواجبات، ثم كان اتفاقنا بعد ذلك على المبادئ التالية لتقوم عليها الجمهورية فى فترة الانتقال:
١- الدولة العربية المتحدة جمهورية ديمقراطية مستقلة ذات سيادة، وشعبها جزء من الأمة العربية.
٢- الحريات مكفولة فى حدود القانون.
٣- الانتخاب العام حق المواطنين على النحو المبين بالقانون، ومساهمتهم فى الحياة العامة واجب وطنى عليهم.
٤- يتولى السلطة التشريعية مجلس يسمى مجلس الأمة، يحدد أعضاؤه ويتم اختيارهم بقرار من رئيس الجمهورية، ويشترط أن يكون نصف الأعضاء على الأقل من بين أعضاء مجلس النواب السورى ومجلس الأمة المصرى.
٥- يتولى رئيس الجمهورية السلطة التنفيذية.
٦- الملكية الخاصة مصونة، وينظم القانون أداء وظيفتها الاجتماعية، ولا تنزع الملكية إلا للمنفعة العامة، ومقابل تعويض عادل وفقاً للقانون.
٧- إنشاء الضرائب العامة أو تعديلها أو إلغاؤها لا يكون إلا بقانون، ولا يعفى أحد من أدائها فى غير الأحوال المبينة فى القانون.
٨- القضاة مستقلون لا سلطان عليهم فى قضائهم لغير القانون.
٩- كل ما قررته التشريعات المعمول بها فى سوريا وفى مصر تبقى سارية المفعول فى النطاق الإقليمى المقرر لها عند إصدارها، ويجوز إلغاء هذه التشريعات أو تعديلها.
١٠- تتكون الجمهورية العربية المتحدة من إقليمين هما سوريا ومصر.
١١- يشكل فى كل إقليم مجلس تنفيذى يرأسه رئيس يعين بقرار من رئيس الجمهورية، ويعاونه وزراء يعينهم رئيس الجمهورية بناء على اقتراح رئيس المجلس التنفيذى.
١٢- تحدد اختصاصات المجلس التنفيذى بقرار من رئيس الجمهورية.
١٣- تبقى أحكام المعاهدات والاتفاقات الدولية المبرمة بين كل من سوريا ومصر وبين الدول الأخرى، وتظل هذه المعاهدات والاتفاقيات سارية المفعول فى النطاق الإقليمى المقرر لها عند إبرامها، ووفقاً لقواعد القانون الدولى.
١٤- تبقى المصالح العامة والنظم الإدارية القائمة معمولاً بها فى كل من سوريا ومصر، إلى أن يعاد تنظيمها وتوحيدها بقرارات من رئيس الجمهورية.
١٥- يكون المواطنون اتحاداً قومياً للعمل على تحقيق الأهداف القومية، ولحث الجهود لبناء الأمة بناءاً سليماً من النواحى السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وتبين طريقه ويكون هذا الاتحاد بقرار من رئيس الجمهورية.
١٦- تتخذ الإجراءات لوضع الدستور الدائم للجمهورية العربية المتحدة.
١٧- يجرى الاستفتاء على الوحدة وعلى رئيس الجمهورية العربية المتحدة فى يوم الجمعة ٢١ فبراير سنة ١٩٥٨.
أيها المواطنون أعضاء مجلس الأمة:
هنا لابد لى من وقفة أتحدث فيها عن دستور ١٦ يناير الذى كان مجلسكم أعظم نتائجه. إن هذا الدستور خالد، ولم يكن معقولاً أن الثورة التى وضعته وأعلنت قيامه منبعثاً من صميم إرادة الشعب وخلاصه تجاربه، ترضى لهذا الدستور أن يسقط أو يضيع. ولكن الدستور - كما قلت لحضراتكم يوم كان لى شرف الحديث إليكم هنا فى يوم ١٦ يناير الماضى - ليس مجرد النصوص الجامدة؛ وإنما هو الحركة الدائمة اليقظة فى اتجاه المستقبل الذى نسعى إليه، وهو الإطار الذى ينظم هذه الحركة ويجمع صفوفها، ولقد وقعت حركة هائلة جمعت شعبين من أمة واحدة فى جمهورية متحدة، وكان لابد أن يتسع الإطار لكى يستطيع أن يضم النطاق الجديد؛ لذلك كان لابد لدستور ١٦ يناير أن يدخل فى تجربة حياة أفسح وأرحب، وكذلك كان لابد لمجلسكم الذى كان أعظم نتائج دستور ١٦ يناير أن يدخل نفس التجربة.
أيها المواطنون أعضاء مجلس الأمة:
قلت لحضراتكم مرة إننا نعتبركم مجلس الثورة الجديد باعتبار الثورة مستمرة، وإنه لمما يدعو إلى الأمل أن تجربة الشهور القليلة التى مضت، منذ بدأ مجلسكم يمارس عمله، كانت تبشر بتعاون كامل يستهدف صيانة مصالح الشعب، ويسعى إلى بناء المجتمع الجديد. وإنه لحق علينا أن نقول لحضراتكم فى هذه اللحظات الفاصلة فى تاريخ شعبنا: إنكم كنتم على خير ما كنا نأمل ونتمنى، وإن مشاركتكم لنا فى المسئوليات كانت خير عون لنا فيما مضينا لتحقيقه من الأمور.
وإنه لمما يسعدنى أن التطور العظيم الذى نعيشه لن ينهى صحبتنا على الطريق؛ وإنما هو على العكس سيقوى الأواصر بيننا ويشد الصلات، ويجعلنا فيما نحن مقبلون عليه أكثر اندفاعاً، وأكثر صلابة، وأعز وحدة وتضامناً.
أيها المواطنون أعضاء مجلس الأمة:
على أننى أرى أنه من واجبى فى هذه اللحظات أن أصارحكم، وشعب الجمهورية العربية المتحدة كله معكم، أن الطريق الذى نقبل عليه طويل وشاق. إن رحلتنا عليه ليست نزهة نروح بها عن النفس؛ وإنما رحلتنا عليه مشاق ومتاعب وكفاح وجهاد، ولكن هذه كلها هى الثمن العادل للأمل الكبير الذى نسعى إليه. ولسوف يضاعف من مصاعب ما سوف نلقاه أمامنا على الطريق أن الذين لا تروقهم وحدة سوريا ومصر ولا توافق أغراضهم، لن يتقبلوها بالرضا والسكوت، وإنما ستكون المساعى وستكون المحاولات وستكون المناورات؛ لهذا أقول لكم من الآن إننا فى سعينا على طريق أملنا يجب أن نظل مفتوحى الأعين، متنبهى الحس والوجدان.
أيها المواطنون أعضاء مجلس الأمة:
إننا نعيش فترة رائعة، ولكن علينا أن ندرك أن لهذه الفترة الرائعة أخطارها أيضاً، وربما كانت شهوات أنفسنا هى أكبر الأخطار التى يتعين علينا مواجهتها.
لقد مرت علينا قرون من الزمان وأحلامنا وأمانينا ورغباتنا وأهدافنا حبيسة وراء الحواجز والسدود التى صنعها الاستعمار، ولقد تهاوت الحواجز والسدود لما زال وجود الاستعمار من بلادنا؛ وهكذا بدأت الأحلام والأمانى والرغبات والأهداف تنطلق من عقالها، وتتدافع بسرعة الكبت الطويل فى مثل تدفق الفيضان. ولقد كان هذا هو التفسير الحقيقى لسرعة الحوادث فى جيلنا، وهو أمر طبيعى بعد أجيال عديدة مكبوتة، ولكن هذا أيضاً تحذير كما هو تفسير؛ إنه تحذير بأن من أول واجباتنا أن نقيم من الحكمة خزانات على أمانينا، ثم نفتح عيونها ليمر التيار على شكل الفيضان المنظم، ولا يقفز فوق رءوسنا كالطوفان العالى الشديد.
أيها المواطنون أعضاء مجلس الأمة:
إننى واثق أن التجربة التى نواجهها اليوم ستحقق كل ما يرجوه لها هؤلاء الذين عملوا لمشرق فجرها طوال الليل الموحش المظلم. وإنه لمما يؤكد ثقتى أن الله - تعالت قدرته - قد جمع قلبنا بقلب خير رفيق على طريق، خير سند فى معركة، خير قريب، خير أخ، خير حبيب.
لقد أكد شعب سوريا بتجارب الأيام، تجربة بعد تجربة، أنه طليعة القومية العربية، وأنه رأس الحرية فى اندفاعها، وأنه الحارس الأمين لتراثها المجيد.
أيها المواطنون أعضاء مجلس الأمة:
لقد بزغ أمل جديد على أفق هذا الشرق، إن دولة جديدة تنبعث فى قلبه، لقد قامت دولة كبرى فى هذا الشرق ليست دخيلة فيه ولا غاصبة، ليست عادية عليه ولا مستعدية، دولة تحمى ولا تهدد، تصون ولا تبدد، تقوى ولا تضعف، توحد ولا تفرق، تسالم ولا تفرط، تشد أزر الصديق، ترد كيد العدو، لا تتحزب ولا تتعصب، لا تنحرف ولا تنحاز، تؤكد العدل، تدعم السلام، توفر الرخاء لها، لمن حولها، للبشر جميعاً، بقدر ما تتحمل وتطيق.
أيها المواطنون أعضاء مجلس الأمة:
وفقكم الله وبارك لكم وحدتكم، وحمى جمهوريتكم العربية المتحدة.
     والسلام عليكم ورحمه الله.


كلمة الرئيس جمال عبد الناصر
من منزل شكرى القوتلى بدمشق
فى حشود الجماهير التى جاءت تهنئ بالوحدة
)الكلمة الأولى(
٢٤/٢/١٩٥٨
كنت دائماً أتمنى فى السنين الأخيرة أن أزور دمشق؛ لأننى كنت أشعر فى كل وقت بأنها قلب العروبة النابض؛ ففيها تتفاعل القومية العربية، ومنها تتصاعد مثل القومية العربية، وقلبها يخفق بالوحدة وتدعيم القومية العربية.
واليوم، وأنا أزور دمشق بعد تحقيق هذا الحدث الخالد فى تاريخ العرب.. الحدث الذى كافح من أجله الآباء والأجداد، هذا الحدث الذى تتمثل فيه قوة العرب وعزة العرب، وإذ حضرت اليوم إلى هذه المدينة العزيزة، إنما أقوم فى نفس الوقت بتنفيذ النصيحة التى قالها الرئيس شكرى القوتلى لى فى القاهرة، وهى أن أحضر فى الحال بعد ظهور نتيجة الانتخابات.. هذه النتيجة التى أعتز بها، والتى أشعر بالمسئولية الكبيرة التى تنجم عنها.
لقد كان شكرى القوتلى دائماً داعية للقومية العربية.. لقد كان هو أول من تكلم معى فى القومية العربية والوحدة العربية بعد نجاح الثورة مباشرة، واليوم أخاطبكم من منزله، وأرى على وجهه بشائر الفرحة وبشائر النصر.
أيها الإخوة المواطنون:
إننى سعيد جداً فى هذه اللحظات، وأرجو الله أن يوفقنا جميعاً إلى ما فيه الخير والسداد.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.




كلمة الرئيس جمال عبد الناصر
من منزل شكرى القوتلى بدمشق
فى حشود الجماهير التى جاءت تهنئ بالوحدة
)الكلمة الثانية(
٢٤/٢/١٩٥٨
أيها المواطنون:
السلام عليكم ورحمة الله..
إننى أشعر الآن وأنا بينكم بأسعد لحظة من حياتى، فقد كنت دائماً أنظر إلى دمشق وإليكم وإلى سوريا وأترقب اليوم الذى أقابلكم فيه، والنهارده.. النهارده أزور سوريا قلب العروبة النابض.. سوريا اللى حملت دائماً راية القومية العربية.. سوريا اللى كانت دائماً تنادى بالقومية العربية.. سوريا اللى كانت دائماً تتفاعل من عميق القلب مع العرب فى كل مكان.
واليوم - أيها الإخوة المواطنون - حقق الله هذا الأمل وهذا الترقب وأنا ألتقى معكم فى هذا اليوم الخالد، بعد أن تحققت الجمهورية العربية المتحدة.
أيها المواطنون:
لقد كافح الآباء وكافح الأجداد من أجل هذا اليوم العظيم الخالد لتكون أمة العرب أمة واحدة، وبفضل كفاحكم وثباتكم ورفعكم راية القومية العربية استطعنا أن نحقق هذا الحلم. اليوم ونحن نستقبل أول أيام الجمهورية العربية المتحدة، نستقبله بإيمان، ونشعر بالقوة ونشعر بالعزة، والهتافات التى كنتم تنادون بها فى دمشق منذ سنين طويلة، والخطب التى كنتم تلقونها، والأمانى التى كنتم تتمنونها، وكانوا يتمنونها فى كل قطر من الأقطار العربية، وفى كل بلد من البلاد العربية؛ هذه الأمانى تحققت اليوم.. لقد قامت الجمهورية العربية المتحدة لترفع راية الحرية، ولترفع راية السلام، وراية القوة والعمل والإقدام.
اليوم، وقد حضرت إليكم من القاهرة أحمل إليكم تحيات إخوانكم فى الإقليم الجنوبى، تحيات من القلوب تحيات من النفوس، وأحمل إليكم أيضاً منهم الشعور بالمحبة، الشعور اللى كل واحد منكم يستطيع أن يعلمه من نتائج الاستفتاء.. شعور محبة متبادلة بين الشعب فى مصر والشعب فى سوريا، تآخ وتآزر وتضامن فى كل شىء؛ وهى دى الأسس للجمهورية العربية المتحدة.
أيها المواطنون:
أقول لكم مرة أخرى: إن هذه اللحظات من لحظات العمر، وإن هذه الأيام من أيام التاريخ، وإن هذه المسئولية التى ألقيت على عاتقكم مسئولية كبرى، وبعون الله وقوته سنعمل متحدين متكاتفين من أجل تحقيق أمل كل فرد منكم لبناء الجمهورية العربية المتحدة على أسس المثل العليا والعزة والكرامة والتآخى والمحبة.
اليوم - أيها الإخوة - وأنا أكلمكم من منزل أخى شكرى القوتلى؛ الذى كان أول من دعانا إلى القومية العربية بعد أن قامت الثورة فى مصر، وأول من بشر ودعا بالقومية العربية، اليوم أتوجه لأخى شكرى القوتلى بالشكر والتقدير، وأقول له هذا باسم شعب مصر الذى وضعه أعلى منزلة. اليوم - يا إخوانى - نسير قدماً إلى طريق العزة، وطريق النصر، وطريق الكرامة والعمل والبناء.. والله يوفقنا.   
والسلام عليكم ورحمة الله.